فلورانس بيرجو-بلاكلر تكشف استراتيجيات الإخوان المسلمين في فرنسا

يكشف تحليل لظاهرة الإخوان المسلمين في فرنسا عن استراتيجية متعددة الأوجه للتأثير في المجتمع الفرنسي. فمنذ ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، بدأت الجماعة في استهداف العائلات المسلمة من خلال إقناعهم بأن ممارساتهم الإسلامية غير صحيحة، وعرض أنفسهم كمرجعية لتعليم "الإسلام الحقيقي".

ففي حوار خاص مع صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية، تشرح فلورانس بيرجو-بلاكلر، مؤلفة كتاب "الإخوانية وشبكاتها" (منشورات أوديل جاكوب)، أن الإخوان المسلمين يتبنون نهجاً يختلف عن السلفيين التقليديين. فبينما يركز السلفيون على التطبيق الحرفي للشريعة، يتبنى الإخوان استراتيجية أكثر مرونة وتدرجاً، تهدف إلى دمج الدين في جميع مناحي الحياة، بما فيها السياسة والمجتمع.

وتتجلى استراتيجيتهم في إنشاء شبكة واسعة من المراكز الإسلامية والجمعيات المهنية، التي تتجاوز الجانب الديني البحت. فعند شراء أرض لبناء مسجد، يحرصون على أن تكون مساحتها كافية لتحويلها لاحقاً إلى مركز إسلامي متكامل. كما يعملون على تأسيس جمعيات للمحامين والأطباء وغيرهم من المهنيين، بهدف "أسلمة" مختلف القطاعات المهنية.

ويعتمد الإخوان على ما يُوصف بـ"الخطاب المزدوج" في تعاملهم مع المجتمع الفرنسي، حيث يظهرون خطاباً معتدلاً للمؤسسات الرسمية، بينما يحتفظون بخطاب مختلف داخل مجتمعاتهم. ويستخدمون مفهوم "الإسلاموفوبيا" كأداة للضغط على المجتمع وإسكات الأصوات النقدية.

إن مواجهة هذا التغلغل المنهجي تتطلب وعياً مجتمعياً وتثقيفاً مستمراً، خاصة وأن معظم أنشطة الجماعة تتم ضمن الإطار القانوني، مما يجعل مواجهتها بالوسائل القانونية وحدها أمراً صعباً. والحل يكمن في تعزيز الوعي المجتمعي وتشجيع المؤسسات على مقاومة الضغوط التي تتعرض لها.