بوك توك في مفترق طرق: كيف غيرت الانتخابات الأمريكية مشهد الأدب الرقمي

أحدث فوز دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2024 زلزالاً في مجتمع "بوك توك"، المنصة الفرعية لتيك توك المخصصة لمناقشة الكتب والأدب. وتحول هذا الفضاء من منصة لمراجعة الكتب وتوصياتها إلى ساحة للنقاش السياسي المحتدم، مما أدى إلى انقسامات عميقة بين أعضاء المجتمع.

وشهدت المنصة موجة من الانقسامات الحادة، حيث ظهرت "القوائم الحمراء" التي تستهدف المؤلفين والمؤثرين المؤيدين لترامب. وفي المقابل، قام البعض بمتابعة هؤلاء المدرجين في القوائم كنوع من الاحتجاج. انقسم المجتمع بين من يرى ضرورة إبقاء الأدب بعيداً عن السياسة، ومن يؤكد أن الأدب كان دائماً مرآة للواقع السياسي والاجتماعي.

ويشير العديد من مستخدمي بوك توك إلى أن الكتب، مثل رواية "حكاية الخادمة" لمارغريت آتوود، غالباً ما تتناول قضايا سياسية بطبيعتها. وتؤكد الإحصائيات خطورة الوضع، فوفقاً لمنظمة PEN America، تم تسجيل أكثر من 10,000 حالة رقابة على الكتب خلال العام الدراسي 2023-2024، خاصة تلك التي تتناول حقوق مجتمع الميم والقضايا العرقية.

ويهدد هذا الانقسام المتزايد بتقويض دور بوك توك كمنصة مؤثرة في صناعة النشر. فقد كانت المنصة محركاً رئيسياً لمبيعات الكتب وإعادة إحياء شغف القراءة لدى الجيل الجديد. وتعكس تجربة الكاتبة كالي ميشيل، التي وجدت نفسها مدرجة في القوائم الحمراء دون سبب واضح، المخاطر التي تواجه المؤلفين الجدد في هذا المناخ المشحون.

ويعكس الجدل الدائر حول تسييس بوك توك حقيقة أوسع: يصعب فصل الهوايات والاهتمامات عن السياسة في عالمنا المعاصر. وكما تقول الكاتبة ج.ج. مكافوي بحكمة: "تجاهل الرسائل السياسية في الأدب يعني إنكار جوهر هذا الفن". فالكتب، بطبيعتها، تحمل رؤى ورسائل تتجاوز مجرد السرد والترفيه.

يمر مجتمع بوك توك اليوم بمرحلة تحول حاسمة تعيد تشكيل هويته وتحدد مستقبله. ورغم استمرار تأثيره الكبير على سوق الكتب وعادات القراءة، فإن تسييسه المتزايد قد يغير ملامحه بشكل جذري. ويبقى التحدي الأكبر هو إيجاد توازن دقيق بين حرية التعبير وتنوع الآراء واحترام الاختلاف للحفاظ على حيوية هذا المجتمع الأدبي في ظل مناخ سياسي مستقطب بشكل متزايد.