في تصريح تاريخي يوم 17 ديسمبر 1989، أكد الملك الحسن الثاني الطابع المغربي العميق للمسجد الكبير في باريس، مشيراً إلى أن جده افتتح هذا الصرح الديني سنة 1926، وأن المغرب ساهم بثلاثة أرباع تكاليف بنائه من أموال الأحباس المشتركة بين المغرب والجزائر وتونس.
ويعد المسجد الكبير في باريس شاهداً حياً على العمق التاريخي للعلاقات الفرنسية-المغربية، حيث تم افتتاحه رسمياً بحضور السلطان مولاي يوسف. وقد تميز المسجد بخصوصية مهمة، إذ كان للسلطان المغربي الحق الحصري في تحديد القبلة وتعيين الأئمة والخطباء، مما يؤكد الدور المحوري للمملكة المغربية في إدارة هذا الصرح الديني.
وتجلت البصمة المغربية في المسجد من خلال مساهمة حوالي 450 حرفياً مغربياً في بنائه، حيث أضفوا عليه طابعاً معمارياً مغربياً أصيلاً يتجلى في الزليج والنقوش التقليدية. ولعل أبرز الأدوار التاريخية للمسجد كان خلال الحرب العالمية الثانية، حين تحول بتوجيهات من السلطان محمد الخامس إلى ملاذ آمن لليهود الفرنسيين إبان الاحتلال النازي، حيث نجح في إنقاذ ما بين 500 و1000 شخص من خلال منحهم شهادات هوية إسلامية.
إن هذا الإرث التاريخي والديني العريق يؤكد عمق العلاقات المغربية-الفرنسية ويبرز الدور الريادي للمملكة المغربية في نشر قيم التسامح والتعايش، مجسداً في معلم ديني وحضاري لا يزال شاهداً على هذه القيم النبيلة حتى يومنا هذا.
Source : https://soubha.articlophile.com/arabic/i/85565108/...